على مقعدي المتحرك نشأت منذ نعومة أظفاري و في أحضان هذا الكرسي

على مقعدي المتحرك نشأت منذ نعومة أظفاري و في أحضان هذا الكرسي

حياة التركماني

أحكي إلى جدران منزلنا منذ الطفولة أمي الأنيقة تذهب و تجيء من حولي كالنحلة المشغولة بامتصاص الرحيق و انتاج العسل و أنا أراقبها بشغف و أنظر إليها بملء عيوني أنا لست معاقة لست من ذوي الاحتياجات الخاصة ، الأطباء يكذبون ، أمي تعرف ذلك ، أمي هي طبيبتي الوحيدة و لكم أن تسألوها كيف استطاعت علاجي من شلل رباعي بعد يأس الأطباء ، اسألوا أمي كيف نجحت في استئصال ذلك الشلل الذي أعجز الأطباء الذين يفترض عليهم أن يحصلوا على دورة تدريبية لدى أمي من أجل تطوير قدراتهم و مهاراتهم ، أمي التي نفخت فيّ من روحها و أعادت إليّ شمس الأمل و جعلت ابنتها حياة تنهض من فراشها لتذهب و تروح ، أمي أيتها المرأة المستحيلة ، أيتها الأنثى’ الحديدية ، أنا مدينة لك بالولاء ، مدينة لك بالحب ، مدينة لك بالعزم و الإصرار و العنفوان . أنا هي حياة التي يتهمونها بالإعاقة زوراً و بهتانا ، ألا ترونها و هي ترتقي صهوة كرسيها و منبر خيالها ، ها أنا اليوم و على امتداد الليالي و الأيام منذ أن كنت طفلةً ذات عامين أركض نحو الحياة ، الحياة مشتقة مني و قد قطعت لها من اسمي ، و ها أنا أتقمصها و ألبسها و أتخذ منها هويةً لي و لن أتنازل عنها ، الحياة بالنسبة لي هي ذاتي السامية و روحي المتألقة و حواسي الخمس ، رجلاي تمشيان في العالم الإفتراضي ، تسافران إلى اليمن و سوريا و لبنان و فلسطين ، رجلاي هما عنوان التضحية و نموذج التفاني ، رجلاي تعترفان بي و أنا أعترف بهما و مهما حاول الزمان إيجاد جدار فصل عنصري فلن تكف رجلاي عن اقتحامه ، ستفشل كل المؤامرات التي يكيدها الشيطان لإحباطي ، سيبوء مكر الشامتين بالفشل ، سيخيب ظن العابرين أن حياة تلك الطفلة الوسيمة العسلية العينين مقعدة ، هم لا يعرفون شيئاً عن قعودي ، لن أتركهم يعرفون أني سلطانة هذا القصر المكون من منزل امي ، و لن أبوح لاحد منهم أن هذا الكرسي هو عرش سلطنتي المتمثلة في خيالي البعيد الممتد في الاوطان العربية ،هذا الكرسي هو منظاري المكتظ بأحداث غزة النازف اليوم بالنيابة عن جراح رفح ،ليت شعري كيف تهافتت العصافير على أغصاني و عبقت الأزاهير بأريج ريحي العاصفة بعطر الأمل ، أنا حياة إسمٌ على مسمى’ ، لا سبيل لليأس إلى قلبي ، و لا مجال للحزن في صدري ، حتى الدمع يأبى’ أن يزورني أياماً و ليالي و شهور ، السحاب صديقي و الماء بعضٌ من هواجسي و العطر قطرة من فني و ألوان قوس قزح أنا التي رسمتها و اسألوا أمي ، مكثت أحدق من نافذتي المطلة على نهر دجلة و الفرات و أطيل النظر بعيداً بعيداً لأرى شط العرب ، و في غمضة عين رسمت في قلبي خريطة العراق النابت في جذوري الممتد في فضائي الباسق الأغصان الوارف الظل المغدق الثمار كالنخيل ، العراق أنا و أنا العراق ، تركمانيةٌ جئت من نسل عثمان مؤسس الإمبراطورية ، فأنا الإمبراطورة ابنته ، و اسألوا أمي ، قد لا تصدقون إن أخبرتكم أني مازلت طفلة ، و قد لا تصدقون أيضاً إن أخبرتكم أني مذ جئت إلى الوجود و أنا شابة بالغة ناضخة مكتملة القوام و البنية قوية العضلات ، صحيحٌ أن أطرافي نائمةٌ الآن لكن لابد للنائم أن يستيقظ يوماً ما بعد سباتٍ مفعم بالأحلام السعيدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
التربية: لغاء شرط الحصول على رمز الاستجابة السريعة (QR Code) لإجراءات نقل الطلبة، الداخلية: متابعة سير التدريب الخاص بشرطة العقود في محافظتي المثنى وكركوك للإطلاع لمعلمون المحتجون في السليمانية، تحذيرات شديدة لحكومة الإقليم، مشيرين إلى أنهم على استعداد لإغلاق أبو... منح سمات الدخول مجاناً للمواطنين اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية العراقية، قائمة منتخب الشباب العراقي للقاء بروناي جماهيرية الاتحاد الوطني الكردستاني تخطو بإتجاه تحقيق مكاسب مرضية من الأصوات عن طريق فهمها لضرورة الت... أعلنت أمانة بغداد، اليوم الثلاثاء، إكساء أكثر من 9 ملايين متر مربع من شوارع جانبي الكرخ والرصافة. تعقد لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في مجلس النواب، مؤتمراً كبيراً، غداً الأربعاء، في محافظة... خياطي العباءة الرجالية في الكوت نكهة خاصة، الوكالة تعمل مع إيران وبصورة محددة على التأكد من أن البرنامج النووي الإيراني يستخدم للأغراض السلمية ...