عزمِ الداخليَّة إِستلام الملفِّ الأَمني في المُحافظاتِ

 عزمِ الداخليَّة إِستلام الملفِّ الأَمني في المُحافظاتِ

نـــــــــــــــــــــزار حيدر

 

*إِنَّ انتشارِ القوَّات المُسلَّحة في المحافظاتِ يُعدُّ مُخالفةً دستوريَّةً وقانونيَّةً كبيرة وتجاوُزاً على دَور الأَجهزة الأَمنيَّة، فلقد حدَّد الدُّستور مهام وواجبات كُلّاً من القوَّات المسلَّحة والأَجهزة الأَمنيَّة، فالأُولى لحمايةِ العراق والدِّفاع عن حدودهِ، فيما تضطلِع الثَّانية بحمايةِ الأَمنِ ليستتبَّ في المُحافظاتِ وبالتالي بحمايةِ المُواطن، دمهُ ومالهُ وعِرضه.
*وإِنَّ انتشارها مؤَشِّرٌ خطيرٌ على ضعفِ الأَجهزة الأَمنيَّة في تحمُّل واجباتِها الدستوريَّة والقانونيَّة، إِذ يلزم أَن تحتفظ القوَّات المُسلَّحة بمواقعِها في المُعسكراتِ وعلى الحدُودِ لحمايةِ الثُّغور.
فضلاً عن أَنَّهُ دليلٌ صارِخٌ على أَنَّ قُوَّة سلاح [الدَّولة العميقة] تفُوقُ قوَّة الدَّولة وأَجهزتِها الأَمنيَّة.
*ولكُلِّ ذلكَ تعهَّدت كُلَّ الحكومات التي تعاقبت على السُّلطةِ في بغداد بسحبِ القوَّات المُسلَّحة المُنتشرة في داخلِ المدُن إِلى معسكراتِها وتسليم الملفِّ الأَمني فيها إِلى الأَجهزةِ الأَمنيَّةِ، خاصَّةً بعد الإِعلان الرَّسمي عن الإِنتصار النَّاجز الذي حقَّقهُ العراقيُّون بدمائهِم وتضحياتهِم في الحربِ على الإِرهابِ عندما استجابُوا لفتوى الجهادِ الكِفائي التي أَصدرها المرجعُ الأَعلى وقتها عندما كان الإِرهابيُّون يحتلُّونَ نصفَ الأَراضي العراقيَّة بسببِ فسادِ وفشلِ القائد العام للقوَّاتِ المُسلَّحة وقتها [نوري المالكي] ومكتب القائِد العام.
آخر تعهُّد بهذا الشَّأن هو الذي وردَ في المنهاجِ الحكومي لوزارةِ السيِّد السُّوداني والذي صوَّتَ عليهِ مجلس النوَّاب، بالقَولِ ما نصُّه في المادَّة [أَوَّلاً؛ المحور التَّنفيذي (١٩)] [إِعادة إِنتشار القوَّات العسكريَّة والأَمنيَّة (الجيش والشُّرطة الإِتحاديَّة والحشد الشَّعبي) خارج المُدن وتستلِم الشُّرطة المحليَّةِ والأَجهزةِ الأَمنيَّة الملفِّ الأَمني داخل المُدن وتكُون باقي القطَعات في معسكراتِها لغرضِ التَّدريب والتَّطوير والمُساندة معَ توفيرِ المُستلزماتِ لذلكَ (الماليَّة والأَراضي خارج المدُن) وتقومُ تلكَ القوَّات بواجباتِها في حمايةِ البلدِ وسيادتهِ ومكافحةِ الإِرهابِ وإِسنادِ الأَجهزةِ الأَمنيَّةِ والشُّرطةِ المحليَّةِ حسب ما يرتئيهِ القائد العام لقيادةِ العمليَّاتِ المُشتركة].
وهذا هوَ الأَصلِ في المسؤُوليَّة، وغيرَ ذلكَ استثناءٌ.
*ولكن وللأَسفِ الشَّديد فإِنَّ كُلَّ الحكومات المُتعاقبة لم تفِ بوعودِها وتعهُّداتِها بهذا الصَّددِ بما فيها الحكُومةِ الحاليَّةِ، لحدِّ الآن على الأَقلِّ.
وبرأيي فإِنَّ السَّبب يعودُ إِلى ما يلي؛
أ/ عدم قُدرة القائدالعام على تنفيذِ خُططهِ بهذا الشَّأن، تارةً بسببِ الضُّغوطات السياسيَّة لانعدامِ الثِّقةِ بين الفُرقاء السياسيِّينَ وأَخصُّ بالذِّكر الذين تكتَّلُوا لتشكيلِ الحكُومةِ الحاليَّةِ، أَو بسببِ الضُّغوط التي يتعرَّض لها من بعضِ القُوى الإِقليميَّة ومن دُوَل الجِوار والتي تحمي نفوذَها بالإِبقاءِ على إِنتشارِ القطَعات العسكريَّة في المُحافظاتِ.
ب/ إِنتشار الفصائل المُسلَّحة [الميليشيات] التي تحتفظ بسلاحِها خارج سُلطة الدَّولة والتي تحتمي بها عدد من القُوى السياسيَّة المُنضويةِ تحت عُنوان [الإِطار] والتي لا تقبل بالإِنسحابِ من الكثيرِ من المدُن والمُحافظات وهي مُتستِّرة خلفَ عناوين القوَّات المُسلَّحة.
بل أَنَّ بعضها يُسيطِر على مناطقَ وتمنع الدَّولة من دخولِها!.
إِنَّ ملف السِّلاح المُنفلت واحدٌ من أَخطرِ الملفَّاتِ الخطيرةِ التي تُؤَرِّق الدَّولة ومُؤَسَّساتها، فعلى الرَّغمِ من الوعودِ التي يقطعَها كُلَّ من يتسلِم رئاسةِ مجلس الوُزراء كَونهُ سيحصِر السِّلاح بيدِ الدَّولةِ ويُفكِّك الميليشيات إِلَّا أَنَّهم كلَّهُم فشلُوا فشلاً ذريعاً في إِنجازِ المُهمَّة الدستوريَّة والقانونيَّة كانَ آخرهُم السُّوداني الذي نصَّ على ذلكَ في برنامجهِ الحكومي!.
*تأسيساً على كُلِّ هذهِ الحقائقِ فأَنا شخصيّاً أُشكِّك بكُلِّ جهود الحكُومةِ الرَّاميةِ إِلى نقلِ الملفِّ الأَمني في المُحافظاتِ إِلى وزارةِ الداخليَّة ما لم يلمَس العراقيُّونَ القرارَ واقعاً حقيقيّاً على الأَرضِ، فتجاربنا الطَّويلة مع مُحاولاتهِم لا عدَّ لها ولا حصر فكيفَ يمكنُ أَن نُصدِّقهُم هذهِ المرَّة قبلَ أَن يتُمَّ تنفيذ القرار والرَّغبة على الأَرضِ؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
التربية: لغاء شرط الحصول على رمز الاستجابة السريعة (QR Code) لإجراءات نقل الطلبة، الداخلية: متابعة سير التدريب الخاص بشرطة العقود في محافظتي المثنى وكركوك للإطلاع لمعلمون المحتجون في السليمانية، تحذيرات شديدة لحكومة الإقليم، مشيرين إلى أنهم على استعداد لإغلاق أبو... منح سمات الدخول مجاناً للمواطنين اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية العراقية، قائمة منتخب الشباب العراقي للقاء بروناي جماهيرية الاتحاد الوطني الكردستاني تخطو بإتجاه تحقيق مكاسب مرضية من الأصوات عن طريق فهمها لضرورة الت... أعلنت أمانة بغداد، اليوم الثلاثاء، إكساء أكثر من 9 ملايين متر مربع من شوارع جانبي الكرخ والرصافة. تعقد لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في مجلس النواب، مؤتمراً كبيراً، غداً الأربعاء، في محافظة... خياطي العباءة الرجالية في الكوت نكهة خاصة، الوكالة تعمل مع إيران وبصورة محددة على التأكد من أن البرنامج النووي الإيراني يستخدم للأغراض السلمية ...