حزب الله . . بين . . الرسائل الأميركية / الإيرانية !!
حزب الله . . بين . . الرسائل الأميركية / الإيرانية !!
٣١ / ١٠ / ٢٠٢٣
فارس الطالب ✍️
لا يمكن النظر إلى الجبهة بين ( حزب الله ) وإسرائيل على أنها بالمطلق جبهة ثانية أو خلفية للجبهة الرئيسة بين إسرائيل و( حماس ).
بمعنى . . أن تطورات الجبهة على الحدود الجنوبية للبنان تعكس إلى حد بعيد معادلات موازين القوى في هذه الحرب وتحديدا بين طرفيها غير المباشرين أي الولايات المتحدة . . وإيران .
بالتالي . . فإن الأشتباكات والقصف المتبادل بين ( حزب الله ) والجيش الإسرائيلي هو في وتيرته ومواقيته أنعكاس للخريطة السياسية والدبلوماسية للحرب في ما يخص حدود أنخراط إيران فيها بما أنه أنخراط لا يمكن النظر إليه نظرة عسكرية وحسب بل إن طهران باشرت في توظيف هذه الحرب ضمن إستراتيجيتها الدبلوماسية لجهة مفاوضاتها المفتوحة مع الولايات المتحدة .
والحال لا يمكن الفصل بين حركة ( حزب الله ) على الحدود الجنوبية للبنان والإستراتيجية الدبلوماسية الإيرانية في السياق الإجمالي للحرب .
وهو ما يدفع في حدود معينة إلى الفصل بين جبهة جنوب لبنان وجبهة قطاع غزة . أي إنه لا يمكن الربط بين هاتين الجبهتين على نحو كلي وإن كان الفصل بينهما بالمطلق غير ممكن .
لا تزال حالة عدم اليقين تشكل جزءا أساسيا من الصورة الكلية للحرب بين إسرائيل وحركة ( حماس ) ولا سيما لجهة موعد الأجتياح البري الإسرائيلي لقطاع غزة وحدوده وأحتمال أن يؤدي مثل هذا الأجتياح تبعا لحجمه ونتائجه لتوسع الحرب إلى جبهات أخرى أهمها جبهة الحدود بين لبنان وإسرائيل .
لكن في المقابل يمكن القول وفقا للمشهد الميداني والرسائل السياسية والدبلوماسية المتبادلة بين أطراف الحرب أن تطوراتها رست على ستاتيكو معين هو بطبيعة الحال ستاتيكو ظرفي مرشح للسقوط في أي لحظة تبعا لمتغيرات الميدان والأروقة الدبلوماسية .
هناك عدة رسائل منها !!
رسالة عبداللهيان . .
عوامل كثيرة ومتداخلة تدفع في هذا الاتجاه / فمن ناحية كان لافتا إعلان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عن تلقي طهران رسالتين أميركيتين على الأقل ومن محورين أساسيين تؤكد / أن الولايات المتحدة غير راغبة في توسيع الحرب / وتطالب إيران بضبط النفس .
كما أشار إلى أن مبادرة سلطنة عمان لعودة جميع الأطراف إلى الأتفاق النووي لا تزال مطروحة .
ولا شك أن مجرد إعلان طهران عن هذه الرسائل الأميركية وتأكيد استمرار الوساطة العمانية تلك يؤشران إلى أن إيران مستعدة لـ( أستثمار ) الأزمة دبلوماسيا / أي إنها مستعدة للتفاوض مع واشنطن بشأنها لرسم خطوطها الحمراء وترتيبات ( اليوم التالي ) للحرب .
وهو ما يعني عمليا أن طهران سلمت أو قبلت بأن الوضع في قطاع غزة ما بعد 7 أكتوبر / تشرين الأول لن يكون كما قبله / وهو ما قاله الأربعاء الرئيس الأميركي جو بايدن .
طبعا لا يمكن الظن أن إيران تريد أو تقبل بـ ( سحق حماس ) لكنها مستعدة لأن تقبل بأمر واقع جديد في قطاع غزة عنوانه تقليص الحضور ألعسكري والسياسي للحركة فيه وفقا لترتيب سياسي ودبلوماسي يكون للأمم المتحدة دور رئيس فيه . وهو ما يحيل إلى ترتيبات ما بعد حرب يوليو /2006 بين (حزب الله ) وإسرائيل لناحية صدور القرار 1701 وأنتشار قوات دولية إضافية في الجنوب اللبناني ضمن نطاق جغرافي محظور ( نظريا ) على الحزب بما يشبه المنطقة الأمنة.
لكن في المقابل فإن هذه الترتيبات لم تضعف الحزب عسكريا وسياسيا طيلة السنوات اللاحقة وهو ما يمكن أن يتكرر مع (حماس) لناحية حضورها السياسي والعسكري على الساحة الفلسطينية وإن كانت ستضطر إلى التأقلم مع واقع جديد . .
بيد أنه لا يمكن إغفال أن الظرف الإقليمي والدولي المحيط بحرب غزة الآن أكثر تعقيدا من ذاك الذي أحاط بحرب يوليو / وهو ما يجعل حماس أمام تحد أصعب من ذاك الذي واجهه ( الحزب ) بعد 2006 . لكن وإن قبلت إيران بالحد من الحضور العسكري لـ ( حماس ) فهي قطعا لن تقبل بإضعاف دورها ألسياسي على الساحة الفلسطينية لأنها ورقة أساسية بيدها في لحظة انتقالية على المستوى السياسي الفلسطيني ككل .
رسالة نصرالله !!
من ناحية ( حزب الله ) كان لافتا الأربعاء 25 أكتوبر/ بدء الظهور التدريجي للأمين العام للحزب/ حسن نصرالله من خلال رسالة وجهها إلى الوحدات والمؤسسات الإعلامية في ( حزب الله ) لأعتماد ( تسمية شهداء الحزب بعد 7 أكتوبر/ بالشهداء على طريق القدس ) .
ثم وزع ( حزب الله ) خبرا للقاء جمع نصرالله مع رئيس حركة ( الجهاد الإسلامي ) زياد النخالة / ونائب رئيس المكتب السياسي لـ ( حماس ) صالح العاروري .
والحال فإن هاتين الخطوتين من قبل نصرالله / فضلا عن حركة سياسية مستجدة لحلفاء ( الحزب ) وبدفع منه تؤشران إلى مرحلة جديدة في المواجهة على الحدود الجنوبية وفي تموضع الحزب من الحرب ككل / فالرسالة التي وزعت بخط يد ( نصرالله ) لإضفاء طابع رمزي وعاطفي عليها لم تأت نهائيا على ذكر ( حماس ) والحرب في قطاع غزة / بل تحدثت عن ( التضحيات ألتي تقدم في سبيل الله على حدودنا اللبنانية ) ولم تتضمن عبارات مثل ( نصرة غزة ) أو ( نصرة فلسطين ) على جاري أدبيات ( الحزب ).
وهو ما يحيل إلى محاولة الحزب الفصل بين الجبهتين في إطار ما ذكر آنفا / أو أقله فإنه يفترض إخضاع هذا الاحتمال للمتابعة في الأيام الأتية . لكن ما يعزز هذا الأحتمال إضافة إلى قراءة الحركة والمواقف الإيرانية . أن ( الظهور ) الأول لنصرالله منذ بدء الحرب تزامن مع تطورات على الحدود الجنوبية وعلى الساحة السياسية الداخلية .
جنوبا كان لافتا تراجع وتيرة هجمات الفصائل الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية إلى حد الغياب الكلي / وفي المقابل أعلن عن تنفيذ قوات الفجر التابعة لـ ( الجماعة الإسلامية ) في لبنان هجوما صاروخيا على الحدود . كذلك أعلن المكتب العسكري في ( حزب التيار العربي ) والذي يترأسه ( شاكر البرجاوي ) الذي كان قد طرد من منطقة الطريق الجديدة في بيروت ذات الغالبية السنية / حيث أعلن عن إجراء مناورة عسكرية كاستعداد للأنخراط في الحرب . وعلى كوميدية مناورة ( التيار العربي ) فإن الهدف من ظهور مثل هذه المجموعات السنية هو إضفاء طابع إسلامي سني / شيعي ولبناني عام على المواجهات في الجنوب بعيدا عن التأثيرات الفلسطينية فيها .
وهو ما يحيل إلى كلمة السر الجديدة في خطاب حلفاء الحزب ومفادها أن ( المقاومة ) حريصة على المصلحة اللبنانية وتريد تجنيب لبنان الحرب الشاملة .
حتى إن نصرالله أتصل شخصيا بحليفه رئيس ( التيار الوطني ) جبران باسيل / بالرغم من تقلبات العلاقة بينهما / ثم زار باسيل خصمه اللدود رئيس تيار المردة سليمان فرنجية / وكل ذلك لخلق مناخ سياسي يشيد بـ ( لبنانية ) الحزب مقابل ( أو بالتزامن مع ) انخراطه في ( محور المقاومة ) .
حتى إن البيان الذي وزعه الحزب عن لقاء نصرالله مع كل من النخالة والعاروري أختيرت عباراته بدقة على نحو يفهم منه أن الحزب في مرحلة إعادة تقييم لأنخراطه في المعركة . وكان العاروري نفسه صرح في وقت لاحق أن ( الإخوة في حزب الله منخرطون على كافة المستويات في هذه المعركة ) وذلك في محاولة لتبرئة ساحة ( الحزب ) من أتهامات الإخلال بمبدأ وحدة الساحات للحرب خصوصا بعد كلام الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة ( حماس ) في الخارج خالد مشعل عن أن ( ما يقوم به حزب الله لا بأس به لكنه غير كاف ).