الولايات المتحدة . . بلا إستراتيجية . . تجاه إيران . . في حرب غزة !

الولايات المتحدة . . بلا إستراتيجية . . تجاه إيران . . في حرب غزة !

فارس الطالب ✍️

لعل مصدر القلق الرئيس الأميركي فيما يتعلق بالهجوم البري الإسرائيلي ضد ( حماس ) في غزة هو خطر التصعيد الإقليمي وفتح إيران جبهة أخرى ضد إسرائيل . الأمر الذي قد يجر الولايات المتحدة إلى الحرب.

ولمحاولة إجبار إيران على إحتواء الصراع أمر الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي بضربتين جويتين ضد أهداف في شرق سوريا. وفي الأسبوع الذي سبق ذلك أعترضت سفينة بحرية أميركية في البحر الأحمر صاروخا بعيد المدى أطلقه ألحوثيون بأتجاه إسرائيل .
وبات من الواضح الأن أن الولايات المتحدة لم تنجح في منع إيران من تفاقم الوضع في غزة وأستخدام الأزمة لتحقيق أهدافها الإستراتيجية . ومن الواضح أيضا أن الإعتماد على الردع فقط ليس إستراتيجية قابلة للتطبيق . ولا يرجع فشل الردع الأميركي ضد إيران إلى ضعفه المتأصل . بل لأن واشنطن لم تدمج الردع بشكل فعال في إستراتيجية أكثر شمولا فيما يتعلق بإيران . وتشكل أزمة غزة الأخيرة أحدث مثال على هذا القصور . .

وطبيعي أن لا يكون التوصل إلى إستراتيجية بشأن إيران سهلا عندما تكون الولايات المتحدة عازمة العقد على تخفيف تركيزها على المنطقة بأكملها وإيلاء أهتمام أكبر لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ . مع تخصيص موارد أكبر لتلك المنطقة . ويزيد من صعوبة ذلك أن القائد الأعلى للقوات المسلحة في خضم حملة إعادة انتخابه . وأخيرا . من الصعب التوصل إلى استراتيجية إيرانية بينما يجري أطلاق النار في إسرائيل وفلسطين ويلوح في الأفق شبح حرب أكبر .

ولكن الواقع يحتم على أميركا أن يكون لها مثل هذه الإستراتيجية . أو على الأقل أن تبدأ في التفكير في التعامل مع التحدي الإيراني بما يتجاوز الضربات الأميركية التي لا تفعل شيئا سوى تشجيع طهران ومحورها الإقليمي .
وأن أكون واضحا أكثر . . أنا لا أدعو إلى حرب أميركية ضد إيران . ولكنني أقترح نهجا يعتمد أكثر على الإستراتيجية ويعالج التحدي الإيراني بمجمله وليس بتفصيلاته .

تدرك الولايات المتحدة الحجم الهائل للمشكلة التي تشكلها شبكة الوكلاء الإقليمية لإيران على المنطقة ككل . وعلى شركاء الولايات المتحدة ومصالحها أيضا . ومع ذلك . فقد أختارت أن لا تفعل الكثير حيال ذلك خوفا من الأضطرار إلى خوض حرب ضد إيران . وقد يكون خوف الولايات المتحدة من التصعيد مفهوما من وجهة نظر سياسية . إلا أنه على وجه التحديد السبب وراء نجاح إيران في بناء قوس مبهر من النفوذ على مر السنين والذي أدى إلى تخريب كل المحاولات الأميركية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط .

لا تستطيع المنطقة الأنتظار حتى ينتهي موسم الإنتخابات الأميركية . بل ينبغي أن تكون عناصر الإستراتيجية الجديدة تجاه إيران واضحة الآن . ويجب على البيروقراطية الأميركية أن تبدأ العمل على هذا الأمر الأن . ولا شك في أن ذلك سوف يستغرق بعض الوقت للتوصل إلى إجماع سياسي بشأن الإستراتيجية وتطويرها وضبطها بشكل كامل . ولكن هذا بالضبط هو ما يجعل من الضروري عدم التأخر في ذلك .

لكي تنجح أي إستراتيجية . يجب أن تكون مبنية على هدف إستراتيجي واضح أو مجموعة من الأهداف . الهدف النهائي للولايات المتحدة فيما يتعلق بإيران هو إحداث تغيير ملحوظ ودائم في السلوك الإيراني مع تجنب صراع عسكري واسع النطاق .

إنه توازن صعب . على أقل تقدير . ولكن يجب على واشنطن أن تفعل كل ما في وسعها لتحقيقه .

يمكن للولايات المتحدة أن تختار إستراتيجية الأحتواء . على غرار الطريقة ألتي تعاملت بها مع الإتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة . ومع ذلك / تجدر الإشارة إلى أن واشنطن / كما يجادل البعض / قد حاولت تغيير هذا النهج في الماضي دون نجاح كبير . ونظرا للنفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة . فقد يكون من الأنسب النظر في إستراتيجية الرد . وقد ناقشت إدارة ترمب ذات يوم مفهوم الرد على إيران وفرضت عقوبات على النظام الإيراني . لكنها فشلت في وضع إستراتيجية متماسكة لذلك .

والرد الحقيقي يجب أن يبنى على نهج أكثر حزما لتحدي إيران . ولا سيما في المناطق ألتي تحاول طهران توسيع نفوذها . وحيث تتعرض المصالح الأميركية للخطر . وينبغي لهذا النهج أن يأخذ في الأعتبار مشاركة مباشرة أكبر للولايات المتحدة في مواجهة إيران . وكي أوضح الفكرة . . لا يعني هذا بالضرورة أن الولايات المتحدة ستتصرف من جانب واحد أو ستصعد إلى حرب برية في الشرق الأوسط من خلال نشر عدد كبير من الجنود الأميركيين للتعامل مع قوات الحرس الثوري الإسلامي المنتشرة إقليميا والميليشيات الشيعية . بل يجب / عوضا عن ذلك أن تكون مصحوبة بزيادة الإستثمار في القدرات التي تمكن الجيش الأميركي من العمل في المناطق الرمادية والتصدي بفعالية لأسلوب الحرب المفضل لدى إيران .
علاوة على ذلك . . يمكن للولايات المتحدة أن تفكر في تخفيف قواعد الأشتباك الخاصة بها في الخليج . وتشجيع السفن البحرية الأميركية على عدم التراجع أمام الإستفزازات الإيرانية . وإنفاذ قانون البحار وحرية الملاحة بقوة أكبر . والوقوف بحزم عندما تشارك السفن البحرية الإيرانية في أي سلوك غير مهني وخطير .

ويمكن أن يتضمن الرد فوق ذلك إجراءات أكثر حزما لتقويض حلفاء إيران في المنطقة . مثل نظام الأسد و( حزب الله ) و( حماس ) بل يمكن أن يستلزم الأمر خلق سبل مبتكرة لفرض عقوبات على إيران أو فرض تكاليف مالية إضافية على البلاد . .
ومن المرجح أن يتطلب ذلك الرد دعم شركاء الولايات المتحدة الإقليميين الذين يتعرضون لضغوط من إيران . مع التركيز على تمكين الإصلاح الدفاعي . ومن شأن ذلك أن يعزز علاقات الولايات المتحدة مع الشركاء الإقليميين الذين ينتابهم القلق من سلوك إيران ويشجعهم على زيادة التعاون في مختلف القضايا . ناهيك عن التزامات أكثر جوهرية . .
وفي النهاية . .
فإن هذا الرد قد يعزز قدرة الجيش الأميركي لمواجهة التحديات العسكرية المعاصرة والمستقبلية . والتي يمكن أن تشمل على الأغلب حربا معقدة وهجينة . ولعل ذلك قادر على أن يوفر للمخططين الإستراتيجيين ومسؤولي السياسة الدفاعية في البنتاغون الفرصة للتكيف مع مختلف المواقف العسكرية الأميركية في جميع أنحاء العالم . مما يجعلها أكثر ديناميكية ومرونة وقدرة على التصدي بفعالية لتحديات الحرب الهجين .

من المهم أن نلحظ طبعا أن الرد لن يكون بالمجان ولن تكون المقاومة نزهة . بل ستأتي مصحوبة بتكاليف مالية ومخاطر عسكرية . قد تنطوي على عشرات المليارات من الدولارات على مدى عدة سنوات لحرب غير متكافئة / وعمل سري / وعقوبات أشد صرامة /إذا نسينا توسيع المساعدات العسكرية للشركاء الإقليميين وعمليات تحقيق الاستقرار . وقد تدفع مثل هذه السياسة القوية طهران أيضا إلى تحدي بعض جوانبها . . وبخاصة في المرحلة الأولى من تنفيذها . ويمكن لهذا أن يؤدي إلى تصعيد التوترات بسرعة كبيرة . فيشجع إيران على تصعيد حملتها لزعزعة الأستقرار . بل ويؤذي الولايات المتحدة في الأماكن التي لديها فيها مصالح حيوية . مثل العراق والخليج
لكن هذه التكاليف المالية والمخاطر العسكرية تستحق أن نخوضها لأن البديل / أي السماح لإيران بنشر نفوذها المزعزع للأستقرار والسيطرة على المنطقة / سيكون أسوأ بكثير . .

ستنتهي حرب إسرائيل الحالية في غزة ذات يوم . ولكن ما دامت إيران موجودة هناك . وتوفر المال والأسلحة والتدريب لوكلائها .
وما دامت واشنطن خالية من إستراتيجية لمواجهة أسلوب إيران . فسوف تبرز ( حماس ) أخرى أكثر قوة . وسوف ينشأ صراع جديد وربما أكثر دموية . . .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
التربية: لغاء شرط الحصول على رمز الاستجابة السريعة (QR Code) لإجراءات نقل الطلبة، الداخلية: متابعة سير التدريب الخاص بشرطة العقود في محافظتي المثنى وكركوك للإطلاع لمعلمون المحتجون في السليمانية، تحذيرات شديدة لحكومة الإقليم، مشيرين إلى أنهم على استعداد لإغلاق أبو... منح سمات الدخول مجاناً للمواطنين اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية العراقية، قائمة منتخب الشباب العراقي للقاء بروناي جماهيرية الاتحاد الوطني الكردستاني تخطو بإتجاه تحقيق مكاسب مرضية من الأصوات عن طريق فهمها لضرورة الت... أعلنت أمانة بغداد، اليوم الثلاثاء، إكساء أكثر من 9 ملايين متر مربع من شوارع جانبي الكرخ والرصافة. تعقد لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في مجلس النواب، مؤتمراً كبيراً، غداً الأربعاء، في محافظة... خياطي العباءة الرجالية في الكوت نكهة خاصة، الوكالة تعمل مع إيران وبصورة محددة على التأكد من أن البرنامج النووي الإيراني يستخدم للأغراض السلمية ...