الديمقراطية بين الحقيقة والوهم.

الديمقراطية بين الحقيقة والوهم.

بقلم : د. محمد ابو النواعير.

 

 

(الفرد في الفكر الديمقراطي المحض، هو الذي يكون مستعد لارتكاب اخطائه بدلا من توجيهه من قِبل شخص آخر قد يكون لديه حكمة فائقة . ) ديفيد. د. رفائيل

هذا مفهوم موجز لفرط الحرية التي اسس لها صانعوا الفلسفة الديمقراطية في انظمة الحكم السياسي.

قد يكون ظاهر القول يعني افساح المجال للفرد، كي يتعلم من اخطائه ويحقق حالة التقدم والتطور.

ولكن الباطن العميق لهذه الفلسفة هو سلخ الانسان من اي سياق طاعة وإتباع يكون موجها نحو اي جهة تمثل فكرة عليا، كأن يكون الله، او النبي ، او الامام، او العالم المختص بالدين (مراجع الدين).

ولكن، هل ان الفرد الديمقراطي هو حر فعلا؟

الواقع اثبت لنا ان الفرد الديمقراطي المحض، هو شخص تم انتزاعه من سياق الطاعة للأنساق الدينية الماورائية، ليس من اجل تحقيق حريته المحضة، ولكن من أجل اخضاعه لسياق عبودي آخر، يتم التحكم به من قبل آلهة متعددة، تحت دين جديد اسمه النزعة الاستهلاكية الرأسمالية المتوحشة.

حصر الانسان بهذا الدين الجديد، وايهامه بانه حر بذاته، انما هي عملية يجري فيها انتزاعه من المشروع الالهي باستخلافه في الارض لأمد محدود هو مغادره ومفارقه مجبرا.

الحرية الحقيقية هي في اختيار افضل الخيارات التي تبنى على فكر ناضج يعي خطورة دورنا المحدود المقيد في هذا الوجود، ويتجه نحو تحصيل السبل الكفيلة بفهم الحياة باعتبارها معطى الهي لكل فرد بحسب سنين عمره، لا بحسب سنين الوجود باكمله. !

اي يجب عدم التأمل في الوجود كله كوحدة تاريخية واحدة تمتد لعشرات الالاف من السنين السابقة، ولا لعدد لا محدود من السنين اللاحقة، بل يجب النظر والتأمل بهذه الحياة، كامتداد لوجود الفرد، اي هذا الامتداد البسيط الذي لا يتجاوز ٦٠ او ٧٠ او ٨٠ عاما يعيشها الفرد في اطار من حرية ديمقراطية موهومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار