التربية والتعليم في المدارس الأوروبية ( النرويج نموذجا ً) Norway is a model

 

سامي التميمي

 

كتب كثير من الكتاب والمثقفين والباحثين في التربية والتعليم وأكدوا على ضرورة أن أن تكون التربية قبل التعليم ويجب أن يكون المعلم مربياً مبدعاً ، وأن يحاول قدر الأمكان أن يكون بمثابة الأبوين للطالب . في حرصه وتربيته وتعليمه .

المدارس الأوروبية وصلت لمراحل متقدمة وجيدةفي التربية والتعليم نتيجة لدراسات وأبحاث ولقرارات سياسية حكيمة ، واعتماداً على عمل جماعي وبروح الفريق الواحد وتلاقح أفكار ساهم فيها كبار الكتاب والمثقفون والفلاسفة والمفكرين، وبدأت منذ عصر الثورة الصناعية الأولى، وحتى القرن العشرين ومن بعدهم ، (ميشيل فوكو ) الذي عرف بانتقاده لقانون الانضباط المدرسي المعروف ( بالعقوبة )ورفضه اختيار أحد التلاميذ ليكون رقيبا ًسرياً وعلنياً على زملائه وكتابة أسماء مشاغبي فصله، و أهم ما قدمه (ميشيل فوكو) للمدرسة الأوروبية في إطار نظريته الشاملة والناقدة للسلطة، هو نقده ربط التقييم النهائي للتلميذ (بالامتحان). لأن الأمتحان في المراحل الأولى للتلميذ ( رسوبه ونجاحه) هو محاولة السيطرة على أفكاره وآماله وسرقته كل أحلامه ولعبه وطفولته وبرائته ، الطفل لايتخيل ولايقتنع ويمتعظ من يحاول أبعاده عن لهوه وعالمه الخاص وهو الطفولة .

طبعا ًالتعليم أجباري ومجاني بنفس الوقت في كل الدول الأوروبية ، ولكن التربية قبل التعليم وجعل التعليم عملاً وهدفاً محبباً وليس عملاً وهدفاً مرغماً عليه وبالتالي يبدأ الأمتعاض والتسيب والترك نتيجة حتمية .

يبدأ الأطفال وبعد بلوغ السنة السادسة وفي الإشهرة الأخيرة من رياض الأطفال بالذهاب الى المدارس وبرفقة المربين من رياض الأطفال بين فترة وأخرى . وتقديم ( سيرة ذاتية) عن الطالب الذي سوف ينتقل للمدرسة ، وبتلك الأشهر يكون قد كسر حاجز الخوف والخجل ، ويتم الترحاب به من قبل الطلاب القدامى في المدرسة والمعلمين ويقوم في جولة ودورة تدريبيةبسيطة وجميلة عن الصف الذي سيكون فية والمرافق الأخرى التي سيرتادها ، والمعلمين الذين سيرافقوه في عامه الأول ، وطبعا هناك أجتماعات مع الأهالي قبل البدء بالعام الدراسي لمعرفة كل التفاصيل بالطالب الجديد ، وإسلوب التدريس والقوانين للمدرسة .
وفي اليوم الأول من العام الدراسي يقف الجميع محتفلين بقدومه ، المدير وكادر الأدارة والمعلمين في ساحة المدرسةوفي أيديهم زهور جميلة تعطى لهم ترحيباً وأبتهاجاً بالطالب وأحتضانه بروح من الأبوة والحنان . لكي يشعر بالمحبة والأمان .

التدريس في المراحل الأولى بسيط جدا ًويهتم ويركز على تنمية المهارات والقدرات الذاتية والذهنية وبناء الشخصية وكيفية تفهم الحياة والتعامل معها . وكيفية الأعتماد على النفس ،
مثلا ً ( كيف نأكل ونشرب ونلبس الملابس ، كيف نهتم بالنظافة ، كيفية أستخدام وأحترام أغراض المدرسة ومرافقها وأجهزتها ، كيف أحترام النفس والأخرين ، ماهو النظام والحقوق والواحبات والعدالة ، وماهي الحرية وحدودها ). وهذا يجري كله بهدوء وبالتعليم والتثقيف المستمر من خلال الاسرة التربوية ومن خلال الأفلام التعليمية والوسائل التوضيحية من على شاشة التعليم الألكترونية ( السبورة ) . ليس هناك تمييز أو عنصرية أو عنف أو أساءة لفظية .
وليس هناك حشو للمعلومات كما هو سائد في بعض المدارس العربية ، وليس هناك منغصات وأزعاجات في حفظ لأي مادة ، الأعتماد على الفهم والتعليم المبسط الذي يحاكي عقول الطلبة بطريقة محببة . وكأنك تسمع قصة جميلة ، مع وجود فرص للراحة كثيرة ولكن أهمها هي فرصتين للفطور الصباحي وأخرى بعد الظهر . وهناك مساعدين للمعلمين ، يكمن عملهم في المساعدة في قراءة الدرس وحل الواجبات ، والمراقبة في الساحات والرحلات ، لايسمح بالعنف واللعب الخطر والتنمر والعنصرية والأساءة .

هناك الكثير من الأنشطة المدرسية منها الرياضية كالسباحة وكرة القدم والطاولة والتنس وغيرها وتشخيص الطلبةالمبدعين في تلك الأختصاصات ودمجهم بفرق رياضية مختصة .
وهناك أنشطة يومية منها الرسم والتطريز والخياطة والنجارة والحدادة وفن الطبخ طبعاً بطرق مبسطة .
وهناك رحلات أسبوعية للغابات والقاعات الرياضية وأيضا رحلات بركوب الدراجات الهوائية وزيارة وبعض المدن الأثرية والمكتبات العامة وغيرها .
وماذكرته شئ بسيط من الكم الهائل من الأنشطة اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية .
التركيز دائما ًعلى الترغيب ومحبة المدارس والتعليم ، هو الشاغل الأكبر ، لأن التلميذ مدى ما أقتنع وأحب المدرسة كانت رغبته في تقبل التربية والتعليم بشكل أسرع وأفضل ، قد لاتتوقعون ماأقول لكم ، بأن الطفل يقضي ساعات طويلة في المدرسة وهو يعشقها ولايتذمر منها ، ولاينوي مغادرتها الى أهله .

مدرسة شولبرغ ( Sjølberg Skole ) في مدينة فردريكستاد – النرويج
. Fredrikstad- Norge
وبالتحديد ( الصف الثاني ) أوشك العام الدراسي على نهايته . قام الإساتذة
Gerd Anne Skøien,
Ole Christian Andersen
Beinta Marqvardsen

بالتحضير لأحتفال بسيط ضم الطلبة والأهالي .
في بحيرة جميلة تبعد عن المدرسة حوالي 15 دقيقة . كانت العوائل قد حضرت كل شئ وبتبليغ من الأساتذة ، الطعام والحلويات والألعاب ، وكانت ضحكات الأطفال وفرحهم بتلك الأجواء العائلية مع الأسرة التربوية .
شعور جميل وفرحة كبيرة وأمل بالمستقبل المشرق الذي ينتظر أبنائهم .

لاترغموا أولادكم على العلم ، بل أجعلوهم يعشقوه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار