العلاقات العراقية / التركية / والملفات الشائكة بينهما

العلاقات العراقية / التركية / والملفات الشائكة بينهما :

السياسية “جدار نيوز” 

في حراك تركي رسمي مكثف زار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان العراق بين يومي 22 و24 أغسطس 2023 . شملت العاصمة الاتحادية بغداد وعاصمة إقليم كردستان العراق . أربيل . وبالتزامن ذهب وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار إلى أربيل لينضم إلى لقاء وزير الخارجية مع رئيس وزراء إقليم كردستان . وليعقد لقاءات منفصلة مع مسؤولي النفط والطاقة في الحكومتين الاتحادية وحكومة الإقليم . في حين توجه وزير التجارة التركي عمر بولات إلى بغداد . يومي 28 و29 أغسطس . بصحبة مسؤولين آخرين ورجال أعمال .
وبينما كان الهدف المعلن لهذه الزيارات التمهيد لزيارة من المزمع أن يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق فإنّها كانت مناسبة لكي تفتح الحكومة التركية المُشَكَّلة حديثاً عدداً من الملفات الشائكة مع بغداد وبشكلٍ خاص فيما يتعلق بقضايا الطاقة والأمن والمياه . ومع عدم ظهور مؤشرات على أنّ الحراك الدبلوماسي التركي نجح في الوصول إلى حلول للملفات الخلافية مع العراق لكنَّه شكَّل مناسبةً لإطلاق حوار جدي حول القضايا العالقة واستكشاف إمكانية الوصول إلى صفقة شاملة بين البلدين بدل تجزئة الملفات .
اتَّسمت العلاقات التركية العراقية خلال السنوات الماضية بحالة من التذبذب وعدم الوضوح نظراً لخضوعها لمؤثرين متناقضين :
الأول : حاجة البلدين بسبب الجوار الجغرافي بينهما وتشابُك العلاقات الاقتصادية والثقافية والأمنية إلى التعاون والتنسيق .
والثاني : عدم اتفاق أهدافهما في العديد من الملفات الأساسية . وبشكل خاص تلك المتعلقة بالخروقات الأمنية التركية للسيادة العراقية .
وهناك عوامل أخرى تؤثر في عجز الطرفين عن الوصول إلى حلول للملفات الخلافية . أبرزها ضعف الحكومة العراقية وعدم قدرتها على اتخاذ أي قرار / فضلاً عن تنفيذ قرارات حاسمة في بعض الملفات مثل وجود حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية .
يمكن تحديد أربعة ملفات أساسية :
1 _ المعارضة المحتملة لهذا الأمر من قبل طهران وحلفائها العراقيين الذين تربطهم علاقات تنسيق مع الـ ( بككا ) والفصائل الكردية العراقية والسورية خصوصاً في إطار المواجهة المشتركة مع تنظيم ( داعش ) .
2 _ حتى في حال تمكَّنت حكومة السوداني من تجاوز اعتراضات بعض الحلفاء . فإنّها من غير الوارد أن تُعطي هدية مجانية لأنقرة دون الحصول على ثمن مناسب لهذا الموقف .
3 _ ملف الطاقة وتصدير النفط . على الرغم أن تركيا
هي البلد المجاور الوحيد الذي ظلّ النفط العراقي يتدفق عبر أراضيه ليصل إلى السوق العالمية . فإنّ المصلحة المشتركة التي حكمت علاقة الطرفين بهذا الشأن لم تمنع من تفاقم الخلافات بينهما بخصوص ملف النفط . وصولاً إلى وقف الصادرات النفطية عبر الأنبوب النفطي العراقي الذي يعبر الأراضي التركية .
حَرَّكت سلسلة زيارات المسؤولين الأتراك إلى العراق والتي يُفترض أن تمهِّد لزيارة الرئيس التركي إلى بغداد المياه الراكدة للعلاقات العراقية / التركية . وحدّدت أجندة أساسية للعمل عليها بين الجانبين . وهنا يمكن رسم ثلاثة سيناريوهات أساسية لمسار العلاقات في المدى المنظور .
الأول : سيناريو الصفقة الكبرى / أن يُقرِّر الطرفان التعامل مع الملفات المتعددة ضمن صفقة واحدة وفق مبدأ رابح-رابح . وهو سيناريو ينبني على احتمال تبنِّي الحكومة العراقية موقفاً أكثر تشدداً تجاه نشاط الـ ( بككا ) في الأراضي العراقية والسماح للجانب التركي بتصعيد عملياته داخل الأراضي العراقية مقابل استئناف صادرات النفط العراقية عبر تركيا
والثاني : سيناريو تجزئة الملفات، : وقد يكون السيناريو المرجح حيث يواصل الطرفان التعامل مع الملفات بشكلٍ منفصلٍ بسبب تباين أولوياتهما من جهة . ولصعوبة التوصل لصيغة شاملة بسبب تعدُّد الفاعلين المؤثرين الداخليين والخارجيين من اخرى .وفي هذه الحالة قد يحصل تقدُّم فيما يخص ملف الطاقة وملف الـ ( بككا ) لكنه لايرتقي إلى مستوى الصفقة الشاملة بل الى الحلول الجزئية . ولا ينعكس على ملفات أكثر تعقيداً مثل ملف المياه.
والثالث : سيناريو تصاعد التوتر . . وقد ينتج عن فشل الجانبين بالتوصل إلى أي تسويات في الملفات الأساسية واتجاه كل منهما إلى التعامل بشكل منفرد . كأن تُصعِّد تركيا هجماتها على الـ ( بككا ) في الأراضي العراقية دون استشارة الحكومة العراقية . وأن تتبنى منهجاً منفصلاً مع إقليم كردستان يحد من تأثير الحكومة العراقية . ويمتد ذلك ليشمل موضوع صادرات النفط المنتج في كردستان وملف المياه . لكن هذا السيناريو يبدو أقل احتمالاً، نظراً لأن تكلفته بالنسبة للطرفين أعلى من تكلفة التنسيق والتعاون .
وفي المقابل : فإنّ مسعى حكومة السوداني لتطوير البنية التحتية وتدشين مشاريع تنمية اقتصادية وفك الاستعصاءات الأمنية . سيتطلب منها التعامل باهتمام مع المطالب التركية والعمل بجدية أكبر للوصول إلى تسويات مع أنقرة . خصوصاً أنّ السوداني نجح حتى الآن باتخاذ موقف متوازن بين الأطراف العراقية المختلفة والمعنية بملف العلاقات مع تركيا . وبشكل خاص إقليم كردستان والفصائل المقربة من طهران .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار