من المنازل إلى مكبات النفايات يدفعهم مر العيش

من المنازل إلى مكبات النفايات يدفعهم مر العيش

محلي:متابعة/ سما بغداد نيوز.

مجموعة شباب بعمر الورود منهم الصغير ( حدث ) والكبير منهم ( مراهق ) , أطلت الحياة علية ‏ببدايات شبابه وأصبح بأجمل سنين العمر كي يتمتع بهذه الحياة ويحقق أجمل أحلامه ( الدراسة , ‏تحقيق أهدافه بوظيفة , الزواج , امتلاك بيت , امتلاك سيارة . ولو صغيرة ) , لكني اليوم صدمت ‏بأجمل الوجوه اليانعة تعمل في مكبات النفايات , يدفعهم مر الحياة والواقع الاجتماعي والاقتصادي , ‏الذي فرض عليهم وليس لديهم ذنب سوى أنهم يعيشون في بلد تغيرت قوانينه , وأصبح قانونه الحياة ‏للأقوى “ويحكمنا قانون الغاب .. بفضل الفاسدين ومن ينهبون الخيرات ولا يكتفون بعد أن امتلأت ‏خزائنهم وأرصدتهم وامتلكوا الآلاف العقارات والسيارات . ولكن هل اكتفوا ؟ الجواب لا .. طمعهم ‏أوصل هذه العوائل إلى موضوعنا مكب النفايات ؟

شابان بعمر الورود اخوين , الكبير “حسين” يبلغ من العمر 17 سنة والأصغر “احمد” عمره 14 ‏سنة : يعملون بجمع النفايات من البيوت بواسطة دراجتهم ( الستوتة ) لقاء مبلغ يعطوهم المواطنين ‏أصحاب المنازل وبعدها يوصلون النفايات إلى مكتب في احد المناطق السكنية على الشارع العام حيث ‏يتم جمع هذه النفايات , وهذا المبلغ أما يقسم على التصلح والعطلات والكاز لتشغيل ( الستوتة ) ‏والمتبقي يكون لهم مناصفة كــ ( أجرة ) كونهم هم المعيلين لـ عائلاتهم .‏

وأضاف” الأخ الأصغر “احمد” : تركنا الدراسة كون تكاليف الدراسة ( كتب وقرطاسيه ) والملابس ‏والمدرسين ترهقنا بمبالغها , فــ والدي مريض بالسرطان ولا طاقة لنا بمصاريفها , لو كان وضعنا ‏المادي جيد لـ اخترت إكمال الدراسة لأحظى بمستقبل جيد مقارنة بأقراني من جيلي , فالجميع ينبذنا ولا ‏أحد يحاول مساعدتنا أو سماع شكوانا .‏

أما السيدة ( آم احمد ) البالغة من العمر40 سنة : تعمل في جمع النفايات وتفريقها أي ( أعادة التدوير ‏لمخلفات النفايات ) مع أولادها الثلاثة أصغرهم في الصف الرابع الابتدائي أكمل الامتحانات النهائية ‏وخرج للعمل معها , فـ سألتها ما الذي جاء بامرأة مثلك إلى هذا المكان وما الذي تفعليه فأجابتني : ‌‏”العوز” وضعف الحال وليس لي مصدر رزق آخر , علماً آني “آم” لــ خمسة أبناء ( 3 أولاد وبنتان ) ‏ونسكن في منزل ( تجاوز ) , فأقوم مع أبنائي بالبحث بين النفايات عن المخلفات وجمع المواد من ( ‏البلاستك , والورق والكارتون , بالإضافة إلى الأسلاك الكهربائية والمعادن , كذلك ما نجدة من الخشب ‌‏) , إذ تكون سهلة الإفراز ، فيما تعاني الحساسية المزمنة بسبب عملها الذي بدأت به منذ أكثر من 15 ‏سنة .‏

وأكملت” حديثها : إما زوجي فهو الأخر يشاركني هذا العمل حيث يكون خروجه للعمل مابين الساعة ( ‌‏3:00 ليلاً إلى 5:00 فجراً ) وعودته عند الساعة 7:00 صباحاً , وإنا اعمل في الفترة التي تليها من ‏الساعة ( 12:00 ظهراً إلى الساعة 7:00 مساءاً ) , لنجمع الإيراد الكلي لمصرف البيت بين ( 25 ‏إلى 35 إلف دينار عراقي ) .‏

وتابعت” حديثها لكن لو تسألوني ماذا تفضلين : فأقول “أفضل أن أعمل في تنظيف الحمامات المدرسية ‏أو الحمامات العمومية على هذه المهنة ، وكلما سألوني أين عملت سابقاً وأجيبهم يغلقون الأبواب في ‏وجهي ويرفضوا تشغيلي ، لكن لا أحد يقبل آن اعمل عنده واصلا الحكومة لا توفر وظائف للمواطنين .‏

وختمت حديثها ، ليس هناك راتب تقاعدي أو راتب رعاية اجتماعية , وما أجنيه شهرياً لا يوفر لعائلتي ‏رفاهية العيش ، وحتى المياه الصالحة للشرب نشتريها ، فماذا يعني تناول اللحوم ؟ أنا أبحث في مكب ‏النفايات إنا وزوجي وأولادي لنتمكن نهاية اليوم من تناول نفس البطاطا .‏

أما الشاب “ماهر” عمره 17 عاماً : فيقول أنا اكبر إخوتي البالغ عددهم ثمانية , والدي مريض ومقعد ‏في البيت ووالدتي لاتعمل ربة بيت ونسكن في بيوت التجاوز , خرجت للعمل في الشارع بعمر (8) ‏سنوات ابتدأت ببيع ( الشاي والماء والأكياس البلاستيكية ) , وانتهى بي الحال في جمع النفايات وما ‏احصل عليه يكون هو رزقنا ومصروفنا اليومي , اكبر أمنياتي آن احصل على وظيفة حتى لو تكون بأجر ‏يومي لكي ارتاح من هذا الوضع .‏

وعن ابن عمه “صفاء” والذي يبلغ من العمر 15 عاماً , وقد بانت ملامح الترتيب والثقافة الدراسية ‏على ملامح صفاء : لياخذني الفضول وسألته وأنت ما وضعك ؟
فأجاب : أنا والدي موجود ولديه عمل والحمد لله فنحن عائلة متوسطة الدخل , لكني اخرج للعمل ‏لأحصل على مصاريفي الدراسية حتى لا أثقل على كاهل والدي بمصاريفي , لأبدأ برحلتي في العمل ‏حيث أخرج منذ الرابعة فجراً مع ابن عمي لنحمل عشرات الأكياس الفارغة استعداداً لملئها ، فنقوم ‏بتقسيم الأماكن ونوع النفايات التي سنجمعها وجردها وتعبئتها ‌‎ .‌‏ ‏

من جانب آخر آن هذه العائلات تواجه عدد من السلبيات يخص هذا الموضوع التي :‏
‏-‏ خطر الكلاب السائبة ، وهناك أكثر من حالة هجوم أسبوعية للأطفال .‏
‏-‏ الاعتداء من أشخاص مجولين ليسلبوهم أموالهم ويهربوا .‏
‏-‏ هناك من يتسلط علينا ( نخاف ذكر الأسماء ) لياخذ منا ( إتاوة ) للسماح في العمل في المكب .‏
‏-‏ ناهيك عن إمكانية تعرض الصغار منهم إلى ( التحرش والاغتصاب ) أن خرجوا فرادا بدون ‏رقابة الكبار منهم .‏
‏-‏ نبش النفايات الملوثة يسبب الإصابة بالجروح , بعضها يقتحم الدم ويسبب التهابات وأمراضاً ‏كثيرة منها ( الجرب والحصبة , والسل , والأكزمة , والتهاب الجلد , والسلمونيا ، والتهاب ‏الكبد الفيروسي ) .‏
‏-‏ أما الأحداث منهم , فهذا العمل يؤدي إلى وقوعهم فريسة للقمل والجرب وداء الكلب .‏
‏-‏ بعض الحالات إلي تصاب بالإمراض تتطلب تدخلاً جراحياً لكنهم لا يملكون الأموال اللازمة ، لذا ‏أما عليهم انتظار الدور في المشافي الحكومية ، وحينها سيكون الوضع ازداد سوءاً وقد تفارق ‏بعض الحالات الحياة .‏
‏-‏ ناهيك محاولات الانتحار بين الشباب والنساء ،حيث هناك إن العشرات من محاولات قتل النفس ‏بسبب سوء الأحوال المعيشية.‏

وفي نفس السياق” , كشفت منظمة برنامج الأغذية العالمي‎ WFP ‎الدولية التابعة للأمم المتحدة , في ‏تقرير موسع لها عن أنشطة دعم المستوى المعيشي في العراق وبرامج التمكين لمجتمعات متضررة ‏في سبع محافظات عراقية حيث بلغ معدل البطالة بين شباب العراق علماً انه منذ العام 2018 تتصاعد ‏معدلات البطالة في صفوف الشباب العراقي كما تتسع هوة الفقر، بحسب تقارير عالمية ، وهو ما يؤشر ‏الحاجة إلى تعزيز برامج الحماية الاجتماعية ، بما يضمن تقليل الفجوة بين مختلف الفئات :‏
‏-‏ بلغت معدلات الفقر منذ العام 2018 ( 35% ) ‌‎.‎
‏-‏ أما في عام 2021 فان 65% من النساء هم عاطلات عن العمل مقارنة بنسبة 23.5 % من ‏الرجال الشباب ‌‎.‎
‏-‏ وتجاوزت إعداد الفقراء في العراق تتراوح‎ ‎النسبة ما بين 22% و25‌‎%‌‏ في المائة‎ ‌‏, ليصل ‏عددهم إلى 10 ملايين عراقي , حسب تصريحات كانت قد أعلنت عنها وزارة التخطيط في ‏إحصاءاتها لعام 2022 .‏
‏-‏ في عام 2023 وصول نسبة الفقر في البلاد إلى‎ ‌‏25%‌‎ ‎في المئة , نسبة إلى وزارة التخطيط ‏العراقية .‏
‏-‏ فيما أكد” رئيس مؤسسة كوردستان لمراقبة حقوق الإنسان ( هوشيار مالو ) في اذار / 2024 ‌‏, أن‎ ‎نسب معدلات الفقر تزداد في العراق باضطراد ، مع تدخل الدولة والحكومة في السوق , ‏وأضاف مالو , إن “العراق لا يملك أي برنامجٍ اقتصادي ، لمواجهة معدلات الفقر المرتفعة في ‏البلاد‎”‌‏ .‏

من جانبنا كــ ( جهة إعلامية ورقابية ) كوننا سلطة رابعة : نتساءل إلى متى تبقى الدولة والحكومة ‏تهمل النظر في موضوع إعداد نسب الفقر التي تتصاعد يوما بعد يوم في بلد يملك اكبر احتياطي للنفط ‏في العالم , بالإضافة إلى الخيرات الكثيرة التي يتمتع بها هذا البلد والتي تعتبر كنوزا لا ينتهي خيرها , ‏في حين يجب آن يكون المواطن العراقي أغنى مواطن في العالم أسوة باقرانة من مواطني دول الخليج ‏العربي وبسبب مواطن الخير في بلدة , وبحسب إحصائية رسمية خاصة ، فإن “مجموع الصادرات ‏النفطية فقط للعام 2023 بلغ‎ ‎ملياراً واحداً و232 مليوناً و170 ألفا و126 برميلا ، وبمعدل تصدير ‏شهري بلغ 102 مليون و680 ألفاً و843 برميلاً ، بمعدل يومي 3 ملايين و422 ألف برميل بارتفاع ‏بلغ 5.36% عن صادرات العام الماضي‎”‌‏ .‏

في حين أن أعلنت” الحكومة العراقيّة‎ ‎في خبر عن إقرار الموازنة بتصويت مجلس النواب على ‏الموازنة المالية لثلاث سنوات تشمل هذه السنة العام الماضي , حيث شملت الموازنة الثلاثية الأعوام ‌‏2023 و2024 و2025 ، وهي الأكبر في تاريخ العراق , وقد وبلغت قيمة تلك الموازنة نحو 153 ‏مليار دولار لكل عام، وتتوقع عجزا ماليّا كبيرا يقدّر بنحو 48 مليار دولار سنويا ، يُعدّ الأعلى من نوعه ‏ويزيد بأكثر من ضعفي العجز المُسجّل في موازنة عام 2021 السابقة على هذه الموازنة ‌‎.‎

تقرير: كواكب علي السراي/ ميسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار